إستنجدوا بسوريا لإنقاذ طفلتهم من “الكًلب” فلا دواء في وزارة الصحة
“عشت 24 ساعة “جحيم” بعدما اصيبت طفلتي إبنة الخمس سنوات بعضات كلب في الوجه والبطن، ولا دواء ضد الكَلَب في وزارة الصحة. كنا في سباق مع الوقت لأن أي تأخير بتلقيها العلاج يهدد حياتها”، تقول الوالدة س. ب. في إتصال مع “أحوال”.
تضيف: “طفلتي أصيبت خلال زيارة لأحد اصدقاء العائلة من كلب خاضع للتلقيح ولكن ثمة جرعات لم يستحق موعدها بعد. لقد اضطررت ان انقلها الى مستشفى ضهر الباشق الحكومي ومن ثم مستشفى رفيق الحريري كمن يتسوّل الدواء ولكن دون جدوى. لذا عمدنا الى إستقدام الدواء ليلاً من سوريا على وجه السرعة عبر سيارة أجرة. اليوم طفلتي خضعت لعملية جراحية ناجحة في مستشفى سيدة المعونات في جبيل التي أشكرها على وقوفها الى جانبنا وأخص بالشكر الدكتور مونيك زغيب والدكتور باسم كرم اللذين يوليانها كل اهتمام وعناية”.
تختم الوالدة: “يقولون لنا لا تهاجروا!!! بعد ما عشناه، سأسعى لأحمي اولادي. والهجرة الى اي بلد ستكون افضل من البقاء في دولة لا توفر ابسط مقومات العيش أي الدواء”.
في الشمال، تعرض شاب لعضة كلب مطلع الشهر فتوجه الى مستشفى طرابلس الحكومي حيث حصل على الجرعة الاولى من الدواء. وحين توجّه لأخذ الجرعة الثانية والتي اصبحت ضرورية بسبب وفاة الكلب بعد 10 ايام على الحادثة، تبيّن ان الدواء غير متوفر في “الوزارة”!!! وهو اليوم لم يترك باباً لتأمينه.
في الدكوانة، اصيب رجل بجرح بليغ من هرته، فإضطر للبحث في عشرات الصيدليات حتى نجح بتأمين “إبرة كزاز” بمبلغ 250000 ل.ل. كما استعان بصديق صودف انه آت من دبي لبيروت فجر الخميس حيث أحضر له دواء Augmentin بمبلغ 680000 ل.ل.
فقدان الادوية العلاجية ضد داء “الكلب” في وزارة الصحة ليس مستغرباً في ظل انهيار الامن الصحي وفوضى مقاربة واقع القطاع الدوائي والاستشفائي. مصادر في وزارة الصحة أفادت “احوال” بان الاخيرة “تواصلت مع قوات “اليونيفيل” التي مدتها اليوم بعدد من اللقاحات كما اشترت عددا اخر من سوريا ومن المتوقع ان تستطيع الشركات الخاصة استيراد كمية قريبا جدا”.
ثمة مشكلة لا تقلّ اهمية نعاني منها في لبنان هي “فقدان الذاكرة” او كثرة الاحداث المتسارعة التي يعيش تحت وطأتها اللبنانيون بحيث غالباً ما لا يصل أي ملف الى خواتيمه ولا توضع آليات واضحة تضمن عدم تكرار المشكلة.
ففي21 كانون الثاني 2018 شكلت وفاة ابن الواحد وعشرين ربيعاً ايلي نفاعة جراء “عضة كلب” فاجعة هزّت المجتمع اللبناني وإن كان السبب يومها عدم الالتزام بالإجراءات اللازمة طبياً وفق “البروتوكول” المعتمد في لبنان والذي عدّل جراء عدم توفر الادوية المطلوبة بشكل كاف بسبب زيادة حالات “الكلب” في لبنان مع حجم النزوح السوري وعرضة النازحين بسبب طبيعة عيشهم وإقامتهم الى إمكان الاصابة بهذا الداء أكثر من سواهم.
لقد أصبحت حاجة لبنان اكثر بـ5 أضعاف من حاجته السنوية للدواء المضاد للكلب جراء النزوح. ففي مقاربة بسيطة استهلك في العام 2017 نحو 5 آلاف لقاح و500 وحدة مصل، فيما لم يتعدَّ الاستهلاك في العام 2012 الألف و400 لقاح وعددًا أقل بكثير من الأمصال. بالتوازي، ثمة شح عالميا في توفر اللقاحات لأن انتاجها خف بعد تراجع عدد الاصابات. لكن للأسف مع مرور الوقت إنطفت هذه الفاجعة كما مصائب أخرى ونسي اللبنانيون الخطر الذي يهددهم.
مع الاشارة إلى ان داء “الكَلَب” هو مرض فيروسي معدٍ وقاتل إذا لم يؤخذ العلاج بشكل فوري لمنع دخول الفيروس إلى الجهاز العصبي المركزي مما يسبب الموت الوشيك. وفق منظمة الصحة العالمية “هو مرض يمكن الوقاية منه باللقاحات، ولكن بمجرد ظهور الأعراض السريرية، يصبح داء الكلب قاتلاً بنسبة 100٪ تقريباً. تُعد الكلاب المنزلية مسؤولة عن انتقال فيروس داء الكلب إلى البشر في نسبة تصل إلى 99٪ من الحالات. ومع ذلك، فإن داء الكلب يصيب الحيوانات المنزلية والحيوانات البرية سواءً بسواء. وينتقل إلى الإنسان والحيوان محمولاً عادة باللعاب عن طريق العضّ أو الخدش. يحدث هذا الداء في أكثر من 150 بلداً وإقليماً. يمكن وقف انتقال العدوى بتطعيم الكلاب والوقاية من عضّها. تسبّب العدوى وفاة عشرات الآلاف من الأشخاص سنوياً معظمهم في آسيا وأفريقيا. يمثّل الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً 40% من الأشخاص الذين يتعرّضون لعضّ الحيوانات التي يُشتبه في إصابتها بداء الكلب. تقدر تكلفة داء الكلب على الصعيد العالمي بنحو 8,6 مليارات دولار أميركي سنوياً”.
في ظل تحلّل الدولة وترهل الوزارات ، مرة جديدة تقع على عاتق المواطنين مسؤولية الحد من خطر الاصابة بداء الكلب عبر قيام اصحاب الحيوانات الأليفة بتلقيحها دوريًا لدى الأطباء البيطريين والاحتفاظ بسجلات التلقيح الخاصة بالحيوان، لأنه وعلى عكس الاعتقاد الشائع فإن القسم الأكبر من الإصابات ناجم عن حيوانات أليفة. كذلك، على البلديات والجمعيات المعنية بالحيوانات معالجة مسألة الكلاب الداشرة قدر المستطاع.